"هدايات الكتاب العزيز"
"الهداية القرآنية هي: ثمرة فهم المعنى".
كتبه/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
{وَهذا كِتابٌ أَنزَلناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ القُرى وَمَن حَولَها وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ يُؤمِنونَ بِهِ وَهُم عَلى صَلاتِهِم يُحافِظونَ} [الأنعام: 92]:
ظ،- فيها: مناسبة لما قبلها؛ لأن قوله: {وَهذا كِتابٌ أَنزَلناهُ}: فيه رد على المشركين لما قالوا:ما أَنزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيءٍ ... [الأنعام: 91].
- فيها: تصديق لنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، حيث أخبر أن القرآن {كِتابٌ}، ولم يكتب كله وقتئذ-، وإنما كتب وجمع كله لاحقا.
- تفيد: أن الله في السماء؛ لقوله: {أَنْزَلْنَاهُ}، دليل على علوه وفوقيته.
- تفيد: أن كتب البشر، يكذب ويناقض بعضها بعضا؛ لقوله: {مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}؛ مفهومه: كتب غيره ليست كذلك.
- فيها: أن القرآن {مُبارَكٌ} كثير الخير، ومن بركته أنه: {هُدًى وَشِفَاءٌ}. قال الطبري: "مبارك"، وهو"مفاعل" من"البركة".
- تفيد: أن كتب الله، لا تعارض ولا تناقض فيها البتة؛ بل يصدّق بعضها بعضا؛ لقوله: {مُصَدِّقُ الَّذي بَينَ يَدَيهِ}، قال الطبري: مصدقًا كتاب موسى وعيسى، وغير ذلك من كتب الله.
- فيها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منذر؛ لقوله: {وَلِتُنذِرَ}، وتصديقه: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}.
- فيها: أن القرآن هو الأصل في الدعوة إلى الله؛ {وَلِتُنذِرَ به} أي بالقرآن.
فينبغي على المرء أن يورد ما تيسر له من كتاب الله عند التذكير والوعظ ولا يهجر ذلك.
- فيها: تشريف لمكة، وأنها {أُمَّ الْقُرَى}، أي أصل البلاد، ومنها انتشر الاسلام.
قال السمعاني في تفسيره: وأم الشيء: أصله، ومنه يقال لمكة: أم القرى؛ لأنه أصل
- فيها إشارة إلى: أن مكة مركز ووسط الأرض؛ لقوله: { وَمَنْ حَوْلَهَا}: أي لأهل الأرض قاطبة.
قال ابن كثير: {ومن حولها} أي: من سائر البلاد شرقا
- تفيد: أن النبي يبعث من المدن خاصة، دون البادية؛ لأن أهل المدن أعلم وأحلم؛ وتصديقه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}: قال الطبري: (من أهل القرى)، يعني: من أهل الأمصار، دون أهل البوادي.
قال ابن عطية في المحرر: فإنهم قليل نبلهم ولم ينشئ الله فيهم رسولا قط.
- تفيد: أهمية الإيمان بالآخرة، وأنه يوجب ويحتم الإيمان بالكتب؛ لقوله: { وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ يُؤمِنونَ بِه}. وهذه إحدى ثمرات الإيمان باليوم الآخر.
وعليه: ففيها: رد على اليهود والنصارى الذين يزعمون أنهم يؤمنون بالآخرة؛ فإن كانوا صادقين فليؤمنوا بالقرآن.
- تفيد: أن الإيمان اعتقاد وعمل؛ لقوله: {يُؤمِنونَ بِهِ} إيمان، وقوله: {عَلى صَلاتِهِم يُحافِظون} عمل.
- فيها: وجوب الحفاظ على الصلاة، وعدم الانقطاع عنها أبدا.
- تفيد: أن الصلاة لها تأثير في الاعتقاد، وسبب في الثبات على الإيمان؛ لقوله: {وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ يُؤمِنونَ بِهِ وَهُم عَلى صَلاتِهِم يُحافِظون}؛ فجمع بين الإيمان والصلاة؛ وفي الحديث: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة». رواه مسلم.
- فيها: أهمية الجمع بين الخوف والرجاء، والبشارة والنذارة، لقوله: {مبارك} رجاء وبشارة. وقوله: {لتنذر} نذارة أي خوف.
- فيها: أن العبادات لا تسقط على أحد أبدا؛ لقوله: {عَلى صَلاتِهِم يُحافِظون}، دل عليه المضارع في {يُحَافِظُونَ}؛ ولم يحدد الحفاظ إلى متى، ولم يذكر حتى البلوغ منزلة معينة؛ وتصديقه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.
وعليه: ففيها رد على الزنادقة الذي يقولون: تسقط التكاليف عن الولي إذا بلغ كذا وكذا من المنزلة.
المفضلات