*"تطبيق معاني وغريب القرآن"*
https://play.google.com/store/apps/d...choman.quraan1
قوله تعالى:
﴿وَما هُوَ بِقَولِ شاعِرٍ قَليلًا ما تُؤمِنونَ﴾ [الحاقة: 41].
*قوله {وَما هُوَ}:* أي القرآن.
*قوله {بِقَولِ}:* القول: التلاوة والنطق والبلاغ.
وقد نسب الله القول هنا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونسب الكلام إلى نفسه - جل ذكره -؛ في آية أخرى، كما قال: ﴿وَإِن أَحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فَأَجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعلَمونَ﴾ [التوبة: 6]؛ فالقول: قول الرسول، والكلام: كلام الله.
*قوله {شاعِرٍ}:* لأنه لا يحسن قيل الشعر، قال الله: ﴿وَما عَلَّمناهُ الشِّعرَ وَما يَنبَغي لَهُ إِن هُوَ إِلّا ذِكرٌ وَقُرآنٌ مُبينٌ﴾ [يس: 69].
وكيف - أيها المشركون - يكون شاعرا وما يتلوه عليكم يذم الشعر؛ كما قال: ﴿وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوونَأَلَم تَرَ أَنَّهُم في كُلِّ وادٍ يَهيمونَوَأَنَّهُم يَقولونَ ما لا يَفعَلونَ﴾ [الشعراء: 224-226].
فقوله تعالى: {وَما هُوَ بِقَولِ شاعِر}: يريد: إن ما يتلوه عليكم محمد - صلى الله عليه وسلم - ليس بالشعر، كما تزعمون، وكما تدعون، وكما تفترون؛ لأنه مخالف للشعر، وليس على نظمه، ولأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لا يحسن قيل الشعر؛ فبأي حق تقولون: عن القرآن شعر، وعن الرسول شاعر؛ وأنتم أهل الشعر؟!؛ ولكن كما قال: {قَد نَعلَمُ إِنَّهُ لَيَحزُنُكَ الَّذي يَقولونَ فَإِنَّهُم لا يُكَذِّبونَكَ وَلكِنَّ الظّالِمينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجحَدونَ} [الأنعام: 33].
قال الطبري في تفسيره: يقول جلّ ثناؤه: ما هذا القرآن بقول شاعر؛ لأن محمدًا لا يُحسن قيل الشعر، فتقولوا هو شعر.
قال القرطبي في تفسيره، وسراج الدين النعماني في اللباب: {وما هو بقول شاعر}: لأنه مباين لصنوف الشعر كلها.
قال الرازي في تفسيره: كأنه تعالى قال: ليس هذا القرآن قولا من رجل شاعر، لأن هذا الوصف مباين لصنوف الشعر كلها إلا أنكم لا تؤمنون، أي لا تقصدون الإيمان، فلذلك تعرضون عن التدبر، ولو قصدتم الإيمان لعلمتم كذب قولكم: إنه شاعر، لمفارقة هذا التركيب ضروب الشعر.
قال أبو حيان في البحر المحيط: ونفى تعالى أن يكون قول*شاعر*لمباينته لضروب الشعر.
قال الشوكاني في فتح القدير: {وما*هو*بقول*شاعر}: كما*تزعمون لأنه ليس من أصناف الشعر ولا مشابه لها.
سؤال: ما قول الشاعر؟.
قال الراغب الأصفهاني في إعراب القرآن: قول الشاعر: ما ألفه بوزن، وجعله مقفى، وله معنى.
قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: أي: يأتي بكلام مقفى موزون بقصد الوزن.
سؤال: لم منع الرسول عليه السلام من الشعر؟.
قال الراغب الأصفهاني في إعراب القرآن: وعن هذا جوابان:
أحدهما: أن الغالب من حال الشعراء أنه يبعث على الشهوة، ويدعو إلى الهوى، والرسول` عليه السلام إنما يأتي بالحكم التي يدعو إليها العقل للحاجة إلى العمل عليها، والاهتداء بها.
والثاني: أن في منعه من قول الشعر دلالة على أن القرآن ليس من صفة الكلام المعتاد بين الناس، وأنه ليس بشعر؛ لأن الذي يتحدى به غير شعر، ولو كان شعرا لنسب إلى من تحدى به وأنه من قوله.
تنبيه:
قوله: {ولا بقول شاعر}: دليل أنه أراد بقوله: ﴿إِنَّهُ لَقَولُ رَسولٍ كَريمٍ﴾ [الحاقة: 40]، محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وليس جبريل - عليه السلام -؛ وقد سلف الإشارة إليه.
وفي التفسير القرآني للقرآن: الأولى عندنا أن يكون المراد بالرسول الكريم،*هو*رسول الله، إذ كان الموقف هنا موقف دفاع عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وردا على اتهام المشركين له بأنه كاهن، وبأنه*شاعر.. فكان المقام يقضى بأن يوضع الرسول بموضعه الصحيح، وهوأنه رسول كريم، وأن*ما*ينطق به ليس من منطق الكهانة ولا الشعر، وإنما*هو*منطق مبعوث كريم من رب العالمين، يبلغ*ما*أرسل به إلى عباد الله.
*قوله { قَليلًا ما تُؤمِنونَ}:* بأنه كلام الله، وتبليغ محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: أقلكم من يؤمن.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و "ما" يحتمل أن تكون نافية فينتفي إيمانهم البتة، ويحتمل أن تكون مصدرية ويتصف بالقلة.
قال السمين الحلبي في الدر المصون: قوله: {قليلا ما تؤمنون} {قليلا ما تذكرون} انتصب «قليلا» في الموضعين نعتا لمصدر أو زمان محذوف أي: إيمانا قليلا أو زمانا قليلا.
قال أبو السعود في تفسيره:*{قليلا ما*تؤمنون}: إيمانا*قليلا*تؤمنون.
المعنى الإجمالي للآية، من كتاب "الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي":
﴿وَما هُوَ بِقَولِ شاعِرٍ قَليلًا ما تُؤمِنونَ﴾ [الحاقة: 41].
أي: وما القرآن بقول شاعر، لأن محمداً لا يحسن قول الشعر فتقولون هو شاعر، قليلا إيمانكم، أي إيماناً قليلاً إيمانكم أو وقتا قليلا. وهذا كله خطاب من الله - جل ذكره - لمشركي قريش.
..................
*جمعه، ورتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة؛ المصري المكي. +*
المفضلات